أفِراراً مِن قَدَرِ الله؟
لفضيلة الشيخ الدكتور:
قيس بن محمد آل الشيخ مبارك
(لعرض المقال كاملاً اضغط هنا)
اقتضت حكمةُ الله تعالى أن يكلِّف الإنسانَ بتصرُّفات فرَضها عليه وأَلْزمه بها، ومن مقتضيات
التكليف أن يكون الإنسانُ مختاراً لتصرُّفاته، إن شاء فعَلَ وإنْ شاء لم يفعل، كما قال تعالى:
((أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ))
فنبَّهه إلى طريق العلوم والمعارف وهو النظر إلى المحسوسات بالعينين، وإلى طريق التعليم
باللسان الذي يُترجَمُ به عن الضمير، فهدَى اللهُ الإنسانَ بذلك إلى النَّجدين، أي أرشده إلى
معرفةِ طريقَيْ الخير الشَّر، ليفعلَ ما يُحمَد، ويَترُك ما يُذَمُّ ويُستقبَح،
وهذا هو الإلهام الذي أشار إليه الله تعالى بقوله:
((وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا))
فجعل النفوس سويَّةً حين أوْدَع فيها العقل، فأَمْكنها بذلك قدرةً على إدراك العلوم والتمييز
بين الأشياء، حتَّى إذا أرسل اللهُ الرُّسلَ وأنزل الشرائع، لم يَبْقَ للجاحد ما يعتذرُ به، فيقْبَل
الشريعةَ مَن يقبلها عن بيِّنة، ويضلُّ مَن يَضلُّ بعد حجَّةٍ قامتْ عليه، كما قال تعالى:
((لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ))
ومن فضل الله على عباده أنه حين أودع فيهم مناطَ التكليف،
وهو العقل والإرادة، فإنه كلَّفهم بما يُطيقون من الأعمال، قال سبحانه:
((لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ))
وهكذا فقد مَكَّنَ اللهُ الناسَ من الإيمان، كما مكَّنهم من الكفر، فمن
رحمة الله بعباده أنه لم يرغم الكفار على التكليف قسْرا، بل قال سبحانه:
((لاَ إِكْرَاهَ فِي الدين قَد تَّبَيَّنَ الرشد مِنَ الغَيِّ))
فهذا تخييرٌ لهم بين الإيمان وبين العذاب، قال تعالى:
{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}
وهذه الآيةُ لا تعني إباحةَ الكفر، وإنما هي تحذيرٌ ..
.
.
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق