مقتطفات من كتاب من حديث النفس للطنطاوي
فضيلة الشيخ:
علي مصطفى الطنطاوي رحمه الله
(لعرض المقال كاملاً اضغط هنا)
وللاطلاع على قسم المقالات اضغط هنا
هذا الكتاب ليس كل ما فيه لـ "علي الطنطاوي" وليس المؤلف إذن واحداً، ولكن جماعة
في واحد، وكذلك الشأن في كل إنسان.
ولا عجب أن يبدل الإنسان في المنشور سنة الواحد رأياً برأي، وعاطفة بعاطفة، فكيف لا تتبدل
آرائي وعواطفي وأنا أكتب في الصحف والمجلات منذ اثنتين وثلاثين منشور سنة بلا انقطاع.
على أن لدي أشياء ما بدلتها قط ولن أبدّلها إن شاء الله، هي أني حاربت الاستعمار وأهله
وأعوانه وعبيده دائماً، ومجّدت العربية وسلائقها وأمجادها وبيانها دائماً، وكنت مع الإسلام
وقواعده وأخلاقه وآدابه دائماً.
والثواب هو وحده الذي يبقى، على حين يفنى الإعجاب وتذهب الأموال، ويعود إلى التراب
كل ما خرج من التراب.
ولَدعوةٌ واحدة لي بعد موتي، من قارئ حاضر القلب مع الله، أجدى عليّ من مئة مقالة في
رثائي ومئة حفلة في تأبيني، لأن هذه الدعوة لي أنا والمقالات والحفلات لكتابها وخطبائها،
وليس للميت فيها شيء.
قال لي أهلي لقد جئت إلى هذه الدنيا عارياً بلا أسنان، لا تحسن النطق ولا تعرف شيئاً، فضحكت.
ونظرت.. فوجدت نفسي، ورأيت أن لي أسناناً وأن علىّ ثياباً، وأن بي قدرة على المشي
والنطق، ورأيتني شخصاً مستقلاً عن أبي وأمي وسائر أهلي، ولا يميزني منهم إلا أني كالطبعة
المختصرة من كتاب، فيها الأبواب كلها والفصول بيد أنها موجزة، و.. بالقطع الصغير!
منشور سنة 1937: واستقر في ذهني –من يومئذ- أني وُلدتُ وأنا في الرابعة من عمري!
ونظرت يوماً من الأيام، فإذا في مكان ذلك الطفل اللاهي اللاعب، العابث بكل شيء.. إذا في
مكانه تلميذاً مكرهاً، يذهب إلى هذه الدار التي يُحشد فيها ال أطفال الأبرياء المساكين لتحشى
أدمغتهم بمسائل لا يدركون معناها، وتنال من أبشارهم وظهورهم عصا المعلم الغليظة.
يا لهذا التلميذ البائس الذي لم يكد يفتح عينيه على الدنيا حتى أبصر...
.
.
.
ولتبقوا على اطلاع بجديدنا:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق