بين اليد اليُمنى واليد اليُسرى
الدكتور:
محمد علي علي
(لعرض المقال كاملاً اضغط هنا)
وللاطلاع على قسم المقالات اضغط هنا
سرُّ الصدقة، وطِيبة النفس، وتحقُّق التقوى: مراماتٌ يسعى إليها ويحرص عليها صاحبُ
اليد اليمنى، التي لا تعلم عنها شمالُه ولا تعرف أحوالَها.
سبحان الله ما أدقَّ هذا التعبيرَ النبويَّ العظيم: ((ورجلٌ تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم
شِمالُه ما تُنفِق يمينه))! مبالغة في إخفاء الصدقة رجاءَ قَبولها، وحرصًا على تخليصها
من شوائب الرياء، وعلى هذا المسلك يحرص الموفَّق؛ حيث يسبل ثوب الستر على ثلاثتِهم
( الصدقة، وصاحبها، ومحتاجها)، وبذلك تصحبُهم السلامة جمعًا، ويكونون جميعًا أقرَبَ
للتقوى، وأبعَدَ من البلوى، وهذه هي الصدقة التي تستحق القَبول، ويستحق صاحبها ظِلالَ
العرش في يومٍ لا ظل فيه ولا ظلال، إلا ما يجود به الكريم على أتقى الخلق وأكرمهم لخلقه
وعياله.
هذه الصفةُ الحاضرة الغائبة اليوم، مع كثرةِ المحتاجين، وخيرية المحسنين، بحاجةٍ إلى وقفة
جادَّة مع النفس وتقواها، وهذا إذا كنا فعلًا نبحثُ عن المصداقية والصدق و التقوى، فهل
نشعر اليوم بذلك الخفاء والنقاء والتُّقى؟!
أنا لا أدَّعي العلم في ذلك أو الإحاطة، فكل مخلوقٍ لديه مع خالقه سرٌّ أو أمر هو به أدرى،
وربُّه به أحكم وأعلم، كما أننا لا نحكم بنفيِ الخيرية عن الأمة وعن محسنِيها، ولكننا نُحذِّر
مما نسمع عنه ونراه، ونَلفِت النظر إلى معنى الصدقة وحكمتها وهدفها؛ لينتبهَ الغافل، ويَحذَرَ
المتغافل، وتسلَم الهِبَة، وتنفعَ القُربةُ، ويرضى الخالق.
ألا نرى اليوم ما وصل إلى حدِّ الظاهرة، وبلغ شأن المظاهرة، مِن علم الإنس و الجن بصدقةِ
فلانٍ لفلان، وتوزيع الجهة الفلانية لذوي فلان! وما كان لأحد أن يسمع أو يرى لو كفَّ هؤلاء
أنفسهم الشرَّ عن أنفسهم بأنفسهم، وأبقَوا الصدقة شريفةً نظيفة بعيدًا عن عدسات الكاميرات،
وضجيج الإعلام، والسباق في مواقع التواصل الاجتماعي بما يكون وما كان وما سيكون،
حتى غدا الأمر مقصودًا به وجه الإعلام، ولم يقفِ العلم حصرًا عند اليد اليسرى، بل انتشر
الخبر وآثاره حتى وصل المشرق والمغرب، وعلم مَن له دخل ومَن ليس...
.
.
.
ولتبقوا على اطلاع بجديدنا:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق